هل ينبغي علينا البحث عن حياة على المريخ قبل إرسال رواد الفضاء؟


يوجد مياه على المريخ، ليس جليداً ولا ثلوجاً و لكن مياه متدفقة. مياه مالحة و شحيحة، و لكن المياه هي أحد أهم مكونات الحياة على الأرض – و على الرغم من أن الكوكب الأحمر ليس مكاناً للعيش الهانئ و لكن العلماء يعتقدون أن هناك فرصة لكي تكون الكائنات وحيدة الخلية كامنة في مكان ما على المريخ. إذا كنا نرغب في إيجادها فعلينا البحث في الأماكن الأكثر احتمالاً لتواجدها، فحسب ناسا علينا "تتبع المياه".
المشكلة أن معظم المركبات الفضائية المريخية غير مجهزة ولا تسمح "بمتابعة المياه"، فهم غير نظيفين بما يكفي للدخول إلى ((المناطق الخاصة)) الدافئة و الرطبة حيث يمكن أن تكون الحياة قد وجدت لها موطئاً على المريخ.
((المناطق الخاصة تعرف من قبل المجلس الدولي للعلوم و أبحاث الفضاء في إطار سياسة حماية الكواكب))
المنطق يقول أنه إذا أرسلنا مركبة فضائية ملوثة لأحد هذه المناطق الخاصة، فإن ميكروبات الأرض قد تزدهر هناك و تلوث المريخ و بهذه الطريقة في حال اكتشفنا حياة ميكروبية على المريخ فلن نعرف إذا كانت من أصل المريخ أو آتية من الأرض.
إذا كانت ناسا جدية حول إرسال رواد الفضاء إلى المريخ عام 2030، إذا فمن المهم الإجابة على هذا السؤال قبل أن يذهب البشر و يحولون المكان إلى فوضى. قد تقول ولكن قد نكون قد لوثنا المريخ بواسطة أحد مركباتنا الفضائية سابقاً ولكن سأقول لك من الصعب جداً تعقيم البشر مقارنة بالآلات فمتى ما أرسلنا البشر إلى هناك سيكون من المستحيل تجنب التلوث فميكروبات البشر قد تتحرك مع الرياح و تصل إلى المناطق الخاصة بالإضافة إلى الفضول البشري و الذي قد يدفعهم لاستكشاف هذه المناطق المثيرة، و إن المركبة الوحيدة التي من الممكن أن تسمح لنا باستكشاف الحياة على المريخ هي طوّاف 2020 المريخي و ليس من الممكن تعقيمه بشكل كاف لكي يدخل المناطق التي من الممكن أن تحتوي حياة على المريخ.
أليس من المفترض أن نكون قد وجدنا الحياة على المريخ مسبقاً ؟
في عام 1970، المركبتان التوأم فايكنغ كانا أول مركبتين لناسا تلمسان سطح المريخ، و أول من حاول فحص الحياة هناك. و الجواب الذي أرسلوه هو "ربما". بعض التجارب وجدت إشارات لنشاطات أيضية و لكن باقي الأبحاث لم تجد مواد عضوية. و هكذا توقفت الأبحاث على المريخ لمدة 15 عاماً حيث لا يحب دافعي الضرائب إنفاق أموالهم على الأمور غير المحسومة. و عندما عادت ناسا لإجراء الأبحاث اتخذت منهجاً مختلفاً فعوضاً عن البحث عن الحياة أصبحت تبحث عن الشروط المناسبة للحياة سواءاً في الحاضر أو الماضي. فعلى سبيل المثال كان هدف المركبة كيريوسيتي هو تقييم إذا كان لدى المريخ بيئة سابقاً تدعم الحياة الصغيرة الميكروبية.
في عام 2011 اقترح فريق من العلماء أن مركبة فايكنغ في الواقع لم تكتشف مواداً عضوية على سطح المريخ. ناسا التي لم تكن على سطح المريخ سابقاً لم تدرك أن تربة المريخ غنية بالبيركلورات، و التي تحطم العضويات. و الفريق يؤكد أن المواد التي تم إهمالها باعتبارها ملوثات من الأرض كانت في الحقيقة بقايا عضوية من المريخ فإذا كان هناك عضويات إذاً هذا يرفع من احتمال أن تكون الحياة موجودة هناك أيضاً.
لا تنسى: المريخ مكان قاس جداً. فهو بارد و محاط على الدوام بالإشعاعات المؤذية. و لكن مازال هناك أمل فالتركيب الكيميائي لتربة المريخ يعطينا الأمل بأن الميكروبات العضوية قد تستطيع الحياة فهناك ما يمكنها أن تأكله بالإضافة لوجود المياه المجمدة في القطبين و تحت الأرض. على كوكبنا في كل مكان أينما وجدت المياه وجدت الحياة.
التلوث الضار
في عام 1967 تم توقيع اتفاقية الفضاء الخارجي حيث تم الموافقة أنه: "عند استكشاف القمر و الأجسام السماوية الأخرى فإنه سيتم تجنب التلوث الضار و أيضاً التغيرات السلبية على بيئة الأرض الناجمة عن إحضار مواد غير أرضية".
إن عبارة " تجنب التلوث الضار" مفتوحة للتأويل. نحن لا نعلم إذا كان هناك حياة على المريخ أو كيف لمايكروباتنا أن تؤثر عليه.
منظمة العلوم الدولية قررت أن اختبار وجود حياة على المريخ ليس شرطاً لإرسال رواد الفضاء إليه و لكنها فكرة جيدة. كاثرين كونلي و هي ضابطة حماية الكواكب لدى ناسا تقول: " لم يكن هناك توافق في الآراء إذا كان ينبغي علينا البحث عن حياة أم لا، فإذا لم يكن لدينا معلومات لن نعلم النتائج، و من الآمن اكتشاف الأماكن عندما يكون لدينا معلومات أكثر حولهم". فإذا كان هناك حياة على المريخ ونحن لا نعلم ذلك، قد نضع الحياة المريخية في خطر بسبب البيولوجيا الخاصة بنا، فإن نقل نوع من منطقة إلى أخرى قد يؤدي إلى نتائج كارثية. فماذا سيحدث لو بشكل عرضي تم نقل نوع من الأنواع الاجتياحية عبر الفضاء بين الكواكب؟ و أيضاً فإن الحياة المريخية قد تكون خطرة على الأرض أو على حياة رواد الفضاء.
متطلبات صارمة
إن مهمة فايكنغ قد وضعت معايير نظافة المركبات الفضائية. ففي ذلك الوقت كان العلماء يعتقدون بوجود الحياة على المريخ، لذلك تم تعقيم المركبات و وضعها في فرن لدرجة حرارة تصل 260 درجة فهرنهايت و لمدة طويلة من الزمن، مما جعل تعداد الجرائيم يصل إلى 30 فقط. المركبات الفضائية المستقبلية الهادفة لدراسة الحياة يجب عليها أن تمر عبر نفس العملية مما يعني أنها يجب أن تصمم بحيث تتحمل درجات الحرارة العالية جداً .
في هذه الأيام و قبل ذهاب المركبة الفضائية إلى الفضاء فإنها تمر عبر مجموعة من تقنيات التعقيم. و مع ذلك فإن مركبة مثل كيريوسيتي يسمح لها أن تحمل حتى 300 ألف بكتيريا متطفلة. لجعل مركبة نظيفة بما يكفي لتدخل واحدة من مناطق المريخ الخاصة، على الفريق جعل هذا الرقم يصبح 30. وهذا الأمر سيكون مرهقاً و مستهلكاً للوقت. هذا التعقيم سيضيف المزيد من المال إلى تكلفة المهمة. قبل عقد مضى وكالة ناسا و وكالة الفضاء الأوروبية وجدت أنه سيتم إضافة 100 مليون لمركبات استكشاف المريخ إذا أرادوا وضع مواد مضادة للحرارة لكي يستطيعو النجاة في التعقيم الحراري والذي يعتبر شرط أساسي للبحث عن الحياة. كونلي تقول أن العملية ستكون أقل تكلفة للمشاريع التي تم إعدادها للتعقيم الفائق منذ البداية. يجب التأكد أن كل شئ معقم من المختبر حتى الصاروخ الذي سيحمل المركبات إلى المريخ كلها يجب أن تكون معقمة.
المركبة إكسومارس التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية سوف تحط على المريخ عام 2018 لتدرس المؤشرات الحيوية التي قد تشير إلى وجود حياة سابقة أو حالية. المركبة 2020 ستحط خلال خمس سنوات، مع مخططات لجمع عينات من التربة المريخية و التي ستعاد لاحقاً إلى الأرض لدراستها. ولكن المركبتين لن تكونا نظيفتنين بشكل كاف للدخول إلى " المناطق الخاصة " للمريخ و من المتأخر جداً التعديل عليهم الأن. عدد كبير من علماء ناسا يرون عدم جدوى إرسال مهمات للمريخ مادامت غير مجهزة لتذهب إلى "المناطق الخاصة" فما جدوى البحث عن حياة على المريخ إذا لم نبحث في المكان المفترض تواجدها به.
بدائل أفضل
ليس لدى ناسا أي مهمة تم تخطيطها و التي من الممكن أن تذهب إلى هذه " المناطق الخاصة " و لكن ما زال هناك وقت قبل ذهاب البشر إلى المريخ عام 2030 و مازال هناك فرصة.
فليس من الصعب إرسال مهمة إلى هذه المناطق حيث يوجد بعض المتطلبات الخاصة التي يجب تصميمها في المهمة. أحد الاقتراحات تقول أن تكون المهمة هي كاسر للجليد حيث تحفر في القطب الشمالي للمريخ حيث الجليد سيحفظ بقايا الحياة القديمة و المهمة ستكون مصممة لكي تكون معقمة منذ البداية للبحث في المناطق الخاصة إذا تم الموافقة عليها فستكلف 450 مليون بالإضافة لتكلفة الإطلاق.
هناك مقترح جريء آخر من قبل مهمة " الأكسدة البيولوجية و كشف الحياة "، حيث سترسل ست مسبارات صغيرة للمريخ لتبحث عن الحياة. عندما تم اقتراح المهمة قبل بضع سنوات، قدر الباحثون أنها ستهبط على المريخ في وقت مبكر من 2018 و ستكلف حوالي 300 مليون دولار، ولكنهم لم يحددوا إذا كانت ستكون نظيفة بما يكفي لإرسالها للمناطق الخاصة.
من الممكن طبعاً تصميم مركبة فضائية بالمواد الحديثة و التي تستطيع تحمل درجات الحرارة المرتفعة جداً خلال عمليات التعقيم. حيث العديد من الالكترونيات العسكرية و الحربية يطلب منها العمل تحت درجات حرارة أعلى من التي اضطرت مركبة فايكنغ احتمالها في غرف التعقيم. ولكن هذه العملية تستلزم الكثير من العناية حيث المواد قد تتمدد أو تتكسر تحت درجات الحرارة الشديدة. و بالتأكيد تصميم مكونات المركبة الفضائية هو فقط جزء من تنظيم بعثة للبحث عن الحياة. حيث الدعم المادي سيكون مشكلة، بسبب تضائل ميزانية ناسا.
هذا ما يجعل اختبار وجود حياة مهمة أصعب فهل علينا البحث عن حياة معتمدة على DNA أو أن الحياة المريخية قد تكون مختلفة تماماً عن بنيتنا البيولوجية. مازال العلماء يتجادلون حول ما أعادته مركبة فايكنغ عام 1976. إذا كنا نريد إرسال رواد الفضاء عام 2030 لا نستطيع قضاء 40 عاماً أخرى و نحن نتجادل حول هذا الموضوع.
هل ينبغي علينا البحث عن حياة على المريخ قبل إرسال رواد الفضاء؟ هل ينبغي علينا البحث عن حياة على المريخ قبل إرسال رواد الفضاء؟ Reviewed by th3light on 2:34 AM Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.